فصل: (المرسلات: الآيات 46- 47)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[المرسلات: الآيات 41- 45]

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45)}.

.الإعراب:

{في ظلال} متعلّق بخبر إنّ (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة {فواكه} معطوف على {ظلال} مجرور، ومنع من التنوين لأنه على صيغة منتهى الجموع {ممّا} متعلّق بنعت لـ {فواكه}..
جملة: {إنّ المتّقين..}. لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يشتهون..}. لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
{هنيئا} حال منصوبة من فاعل {كلوا واشربوا} (ما) حرف مصدريّ..
والمصدر المؤوّل: {ما كنتم}. في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ {هنيئا}، و(الباء) سببيّة.
{كذلك} متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله نجزي، {ويل.. للمكذّبين} مثل الأولى.
وجملة: {كلوا..}. في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي يقول الله لهم أو الملائكة كلوا..
وجملة: {اشربوا..}. في محلّ نصب معطوفة على جملة {كلوا}.
وجملة: {كنتم..}. لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما). وجملة: {تعملون..}. في محلّ نصب خبر {كنتم}.
وجملة: {إنّا... نجزي} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {نجزى..}. في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {ويل... للمكذّبين} لا محلّ لها استئنافيّة.

.الصرف:

(42) {يشتهون}: فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف، أصله يشتهيون- بياء مضمومة قبل الواو استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الهاء- إعلال بالتسكين-، التقى ساكنان الياء والواو حذفت الياء- إعلال بالحذف- وزنه يفتعون.

.البلاغة:

المجاز المرسل: في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ}.
مجاز مرسل علاقته المحلية، وهي الجنة، لأن الظلال تمتد، والعيون تجري، والفواكه تكون فيها ناضجة.

.[المرسلات: الآيات 46- 47]

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47)}.

.الإعراب:

{قليلا} مفعول فيه نائب عن الظرف لأنه صفته أي زمنا قليلا، {ويل.. للمكذّبين} مثل الأول.
جملة: {كلوا..}. لا محلّ لها استئنافيّة، والخطاب للكافرين في الدنيا.
وجملة: {تمتّعوا..}. لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {إنّكم مجرمون..}. لا محلّ لها استئناف بيانيّ.

.[المرسلات: الآيات 48- 49]

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49)}.

.الإعراب:

(الواو) استئنافيّة {لهم} متعلّق بـ {قيل}، {لا} نافية {ويل.. للمكذّبين} مثل الأولى.
جملة: {قيل..}. في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {اركعوا..}. في محلّ رفع نائب الفاعل.
وجملة: {لا يركعون..}. لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {ويل... للمكذّبين} لا محلّ لها استئنافيّة.

.[المرسلات: آية 50]

{فَبِأَيِّ حديث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)}.

.الإعراب:

(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (بأيّ) متعلّق بـ {يؤمنون}، {بعده}، ظرف منصوب متعلّق بنعت لـ {حديث}.
جملة: {يؤمنون..}. لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي: إن لم يؤمنوا بالقرآن فبأيّ حديث بعده يؤمنون.

.الفوائد:

- (أيّ) اسم معرب، وتأتي على خمسة أوجه:
1- شرطا: كقوله تعالى: {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ}.
2- استفهاما: كقوله تعالى: {أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً} وقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها {فَبِأَيِّ حديث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}.
3- وموصولا: كقوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا} أي الذي هو أشد وهي هنا مبنية مع كونها مضافة، ولا ضير في ذلك.
4- أن تدل على معنى الكمال فتقع صفة للنكره نحو (زيد رجل أيّ رجل) أي كامل في صفات الرجال، وحالا للمعرفة ك (مررت بعبد الله أيّ رجل).
5- أن تكون وصلة إلى نداء ما فيه (ال) نحو (يا أيها الرجل). اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

77 سورة المرسلات:
مكيّة:
وآياتها خمسون.
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[المرسلات: الآيات 1- 19]

{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (3) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (4) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (5) عُذْراً أَوْ نُذْراً (6) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)}.

.الإعراب:

{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} قال أبو حيان في النهر: هذه السورة مكية، ومناسبتها لما قبلها ظاهرة جدا وهي أنه ذكر أنه تعالى يرحم من يشاء ويعذب الظالمين وهذا وعد منه صادق فأقسم على وقوعه فقال: {إن ما توعدون لواقع} ولما كان للمقسم به موصوفات قد حذفت وأقيمت صفاتها مقامها وقع الخلاف في تلك الموصوفات والذي يظهر أن المقسم به شيئان ولذلك جاء العطف بالواو في {والناشرات} والعطف بالواو يشعر بالتغاير وأما العطف بالفاء إذا كان في الصفات فيدل على أنها راجعة لموصوف واحد وإذا تقرر هذا فالظاهر أنه أقسم أولا بالرياح ويدل عليه عطف الصفة بالفاء والقسم الثاني فيه ترق إلى أشرف من المقسم به الأول وهم الملائكة ويكون قوله فالفارقات فالملقيات من صفاتهم وإلقاؤهم للذكر وهو ما أنزل الله تعالى صحيح إسناده إليهم وما ذكر من اختلاف المفسرين في المراد بهذه الأوصاف ينبغي أن يحمل على التمثيل لا على التعيين وجواب القسم وما عطف عليه {إن ما توعدون} وما موصولة بمعنى الذي والعائد محذوف أي إن الذي توعدونه وهي اسم إن وقوله: {لواقع} خبرها.
وقد وطأنا بهذه اللمحة المفيدة جلاء للحقيقة ودفعا للالتباس الذي قد ينشأ عن اختلاف المفسرين ونعود بعدها إلى الإعراب.
الواو للقسم و{المرسلات} مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم، وعرفا إما أن يكون من عرف الفرس وهو بضم العين أي شعر العنق للفرس فيعرب حالا من الضمير المستكن في {المرسلات} والمعنى على التشبيه أي حال كونها عرفا أي شبيهة بعرف الفرس من حيث تلاحقها وتتابعها كما أنه كذلك أو على أنه مصدر كأنه قال والمرسلات إرسالا أي متتابعة، وإما أن يكون من العرف وهو المعروف على حدّ قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ** لا يذهب العرف بين الله والناس

وانتصابه على أنه مفعول من أجله أي أرسلت للإحسان والمعروف أو منصوب بنزع الخافض.
{فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً} الفاء عاطفة للتعقيب والعاصفات عطف على {المرسلات} وهي اسم فاعل من العصف بمعنى الشدّة وفي المصباح: عصفت الريح عصفا من باب ضرب وعصوفا أيضا اشتدت. و{عصفا} مصدر مؤكد فهو مفعول مطلق.
{وَالنَّاشِراتِ نَشْراً فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً} {والناشرات} عطف أيضا و{نشرا} مفعول مطلق، {فالفارقات} عطف أيضا و{فرقا} مفعول مطلق {فالملقيات} عطف أيضا و{ذكرا} مفعول به للملقيات أي للملائكة تنزل بالوحي إلى الأنبياء.
{عُذْراً أَوْ نُذْراً} هما مصدران من عذر إذا محا الإساءة ومن أنذر إذا خوف على الكفر كالكفر والشكر، وهما منصوبان على أنهما مفعول من أجله، وأجاز الزمخشري أن ينتصبا على البدل من ذكرا، وعبارة أبي البقاء:
وفي {عذرا} أو {نذرا} وجهان أحدهما: هما مصدران يسكن أوسطهما ويضم والثاني هما جمع عذير ونذير فعلى الأول ينتصبان على المفعول له أو على البدل من {ذكرا} وعلى الثاني هما حالان من الضمير في الملقيات أي معذرين ومنذرين.
{إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ} الجملة لا محل لها لأنها جواب القسم وإن حرف مشبه بالفعل وما اسم موصول اسم إن وجملة {توعدون} صلة واللام المزحلقة وواقع خبر إن والعائد محذوف أي إن الذي توعدونه.
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} الفاء استئنافية وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط و{النجوم} نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده وجملة {طمست} مفسّرة لا محل لها وفي جواب إذا قولان: أحدهما أنه محذوف تقديره فإذا طمست النجوم وقع ما توعدون لدلالة قوله: {إنما توعدون لواقع} والثاني أنه {لأي يوم أجلت} على إضمار القول أي يقال لأي يوم أجلت فالفعل في الحقيقة هو الجواب، ومعنى {طمست} محيت ومحقت وذهب نورها.
{وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} جمل معطوفة على جملة {فإذا النجوم طمست} ومعنى {فرجت} فتحت فكانت أبوابا ومعنى {نسفت} تفتتت كالرمل السائل ثم يطيرها الريح.
وفي المصباح نسفت الريح التراب نسفا من باب ضرب اقتلعته وفرقته. ومعنى {أقتت} {وقتت} وقد قرئ بهما أي جمعت لوقت معلوم.
قال الزجاج المراد بهذا التأقيت أو التوقيت تبيين الوقت الذي فيه يحضرون للشهادة على أممهم والواو إذا انضمت جاز جعلها همزة.
وقال المبرد في كامله:
قال الله عز وجل: وإذا الرسل أقتت والأصل وقتت ولو كان في غير القرآن لجاز إظهار الواو إن شئت.
{لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ} {لأي يوم} متعلق بـ: {أجلت} أي أجلت لأي يوم والجملة مقول قول محذوف في محل نصب على الحال من مرفوع {أقتت} أي يقال لأي يوم أجلت أو لا محل لها لأنها جواب إذا كما تقدم و{ليوم الفصل} بدل من {لأي يوم} بإعادة العامل ولك أن تعلقه بفعل محذوف أي أجلت ليوم الفصل.
{وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ} الواو عاطفة و{ما} اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وجملة {أدراك} خبرها والكاف مفعول به أول وقوله: {ما يوم الفصل} جملة من مبتدأ وهو ما الاستفهامية وخبر وهو {يوم الفصل} سادّة مسدّ المفعول الثاني لـ: {أدراك} المعلقة بالاستفهام والاستفهام الأول معناه الاستبعاد والإنكار والثاني للتعظيم والتهويل.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} ويل مبتدأ سوّغ الابتداء به ما فيه من معنى الدعاء.
وعبارة الزمخشري: فإن قلت كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله: {ويل يومئذ للمكذبين}؟ قلت هو في أصله مصدر منصوب سادّ مسدّ فعله ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على ثبات معنى الهلاك ودوامه للمدعوّ عليهم، ونحوه سلام عليكم ويجوز ويلا بالنصب ولكنه لم يقرأ به.
و{يومئذ} ظرف أضيف إلى مثله وهو متعلق بـ: {ويل} أو صفة له والتنوين عوض عن جمل محذوفة تقتبس من السياق والتقدير يوم إذ طمست نجوم وكان ما بعدها، و{للمكذبين} خبر {ويل}.
{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ} الهمزة للاستفهام التقريري لأن الاستفهام في الأصل إنكاري وقد دخل على نفي ونفي النفي إثبات ويعبّر عنه بالاستفهام التقريري.
و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{نهلك} فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله مستتر تقديره نحن و{الأولين} مفعول به و{ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{نتبعهم} فعل مضارع مرفوع استئنافا أي ثم نحن نتبعهم و{الآخرين} مفعول به ثان.
{كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِين وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} {كذلك} نعت لمصدر محذوف أي مثل ذلك الفعل الفظيع نفعل و{بالمجرمين} متعلقان بـ: {نفعل} و{ويل يومئذ للمكذبين} تقدم إعرابها وسيأتي سر تكرارها في باب البلاغة.

.البلاغة:

تكررت آية {ويل يومئذ للمكذبين} في هذه السورة عشر مرات والسر فيها زيادة الترهيب، والتكرار في مقام الترغيب والترهيب مستساغ حسن لاسيما إذا تغايرت الآيات السابقات على المرات المكررة كما هنا.